
هل سبق لك أن وجدت لوحدك تشير، "لماذا دائمًا يحدث معي؟" أو شعرت وكأنك عالق ضمن دائرة لامحدودة من السيناريوهات السلبية؟
هذه المشاعر مألوفة؛ إنها تعبر عن ما يعرف في علم النفس بوصف الضحية.
حينما نعتنق هذا الوضع، نرى الكرة الأرضية بعين شخص عادة مظلوم، بلا قوة، وكأن الحياة والأحوال تتآمر علينا.
لكن ما السبب نشعر هكذا؟ وما الذي يدفعنا للبقاء بهذا الوضع بالرغم من الألم العاطفي الذي يسببه؟
تعريف موقف المتألم في علم النفس
موقف المتألم يعد حالة نفسية وسلوكية ضمنها الإنسان يقتنع بأن الحياة تدور في مواجهته وأنه لا يملك قدرة على تحسين حقيقته.
الشخص ضمن هذا الوضع يشعر باستسلام مستمر، كما لو أنه عالق داخل حلقة من الإحباط وإلقاء اللوم على من حوله.
أحيانًا، اعتناق دور المستهدف يمنح ارتياحًا نفسيًا قصير الأمد لأنه يمكن للفرد بالتخلي عن الواجب في التعامل مع التحديات، مبررًا سلبيته بإلقاء اللوم على الظروف أو من حوله.
كيف يمكن أن يبدو وظيفة المستهدف في الحياة اليومية؟
على نحو مدهش، دور الضحية يمكن أن يتسلل إلى حياتنا بطرق دقيقة.
في بعض الأحيان يكون ضمن أحاديثنا، وأحيانًا في تصرفاتنا، أو ربما حتى في أنماط تفكيرنا.
هذه هي أبرز مظاهره:
الإحساس الدائم بأن الحياة غير عادلة
الأفراد الذين يقعون في موقف الضحية غالبًا يظنون بأن الحياة غير عادلة.
كل موقف محبط يُفسَّر على أنه هجوم شخصي، حتى لو كان مجرد صدفة.
لوم الآخرين والظروف
"لو لم يقوموا بـ هذا بي لما كنت بهذه الطريقة!" — هذه الجملة تجسد جوهر موقف المستهدف.
الفرد يعتقد أن معاناته نتيجة مباشرة لأفعال الآخرين، دون أن يرى دوره في المشكلة أو إمكانية التغيير.
الشعور بالعجز عن التحكم في المصير
الشعور الدائم بالعجز يُعد علامة بارزة لدور الضحية.
الفرد يرى نفسه كـ متلقي سلبي لما يجري بدلًا من كونه مشاركًا قادرًا على تعديل مساره.
طلب الشفقة
كثيرًا ما يعيش موقف الضحية على التأثير العاطفي.
الشخص يسعى للحصول على التعاطف وردود الأفعال العاطفية من الآخرين، فيشعر بلذة مؤقتة عند سماع الكلام المطمئن والتبرير.
الذكريات القاسية في الصغر وتجارب الحياة المبكرة
وظيفة المتألم غالبًا ينشأ منذ الطفولة.
الصغير الذي يمر بـ للإهمال أو اللوم الدائم قد يترعرع وهو يشعر بعدم الأمان العاطفي، فيتبنى موقف الضحية كـ وسيلة حماية نفسية.
النشأة الصارمة المعتمدة على الرهبة
إذا نشأ الصغير في بيئة يعيش فيها باستمرار بالعجز، حيث يفتقر إلى القدرة على اتخاذ القرار أو التعبير عن نفسه، فسيكبر وهو يعتقد أن التحكم في حياته ليس بيده.
المكاسب الثانوية الخفية
قد يبدو الأمر غريبًا، لكن هناك فوائد خفية للعيش في موقف الضحية.
مثلًا: الحصول على التعاطف، تجنب المسؤولية، أو التهرب من مواجهة القرارات الصعبة.
الذهن الداخلي يتمسك بهذه المكاسب المؤقتة رغم ضررها المستمر.
الأنماط الذهنية السوداوية
عندما يعيش الشخص فترة طويلة مع أفكار مثل: "أنا محاط بالمصاعب"، أو "لن أنجح"، فإنه يبرمج عقله على رؤية نفسه كضحية في كل موقف جديد.
استنزاف القوى الداخلية
الإحساس الدائم بالعجز والظلم يستنزف طاقة الفرد، ويجعله عالقًا في متاهة من القلق والاكتئاب.
تأزم الروابط الإنسانية
يصبح عسيرًا على الأصدقاء التعامل مع شخص يرى نفسه دائمًا ضحية.
العلاقات مع المعارف أو الزوج قد تضعف بسبب إلقاء اللوم المتواصل.
انخفاض تقدير الذات
الفرد الذي يتقمص موقف الضحية يدرب نفسه على الاستسلام، فيفقد الثقة بقدراته ويبتعد عن التحرك الإيجابي نحو التطوير.
الخبر الجيد هو أن كسر هذا النمط النفسي في متناول اليد.
ذلك يحتاج فهمًا داخليًا وشجاعة لمواجهة البرمجة السابقة.
1. الاعتراف بالمشكلة
بداية الطريق هي الإدراك.
يجب أن يسأل الشخص نفسه بصدق:
هل أنا محاصر في عقلية المظلوم؟
هل ألقي اللوم على الظروف باستمرار بدلًا من مواجهة الواقع؟
2. استعادة المسؤولية
تغيير حياتك يبدأ عندما تدرك أنك المسؤول الأول عنها.
ليس كل شيء تحت سيطرتك، لكن ردود أفعالك دائمًا مسؤوليتك.
3. تغيير لغة التفكير
لغة العقل مع الذات تصنع واقعنا.
بدلًا من قول:
"لماذا يحدث هذا لي؟"،
جرب أن تقول:
"كيف يمكنني التعامل مع هذا الموقف؟"
هذه النقلة الصغيرة يفتح بابًا للإحساس بالتحكم.
4. البدء بخطوات بسيطة
كسر دور الضحية لا يحدث فورًا.
ابدأ بـ خطوات صغيرة:
حسم أمور سهلة،
قول لا لما يضرّك،
أو خوض مغامرات صغيرة تمنحك شعورًا بالسيطرة.
5. اللجوء للعلاج النفسي إذا لزم
في بعض الأحيان تكون جذور عقلية المظلوم راسخة.
في هذه الحالة، قد تفيد الاستشارة المهنية على فهم الجذور مقالات ذات صلة وإعادة بناء الثقة.
الجانب المشرق هو أن الخروج من هذا الدور ليس مستحيلًا.
هذا يستلزم إدراكًا عميقًا وشجاعة لمواجهة المعتقدات القديمة.
1. الاعتراف بالمشكلة
بداية الطريق هي الإدراك.
يجب أن يسأل الفرد نفسه بصدق:
هل أنا أتقمص دور الضحية؟
هل ألقي اللوم على الظروف باستمرار بدلًا من التصرف بشكل مسؤول؟
2. تحمل زمام الأمور
تغيير حياتك يبدأ عندما تدرك أنك مالك القرار.
ليس كل شيء تحت سيطرتك، لكن اختياراتك دائمًا بيدك.
3. إعادة برمجة الحديث الذاتي
لغة العقل مع الذات تحدد شعورنا.
بدلًا من قول:
"لماذا يحدث هذا لي؟"،
جرب أن تقول:
"كيف يمكنني التعامل مع هذا الموقف؟"
هذه النقلة الصغيرة يفتح بابًا للقوة الداخلية.
4. البدء بخطوات بسيطة
كسر دور الضحية لا يحدث دفعة واحدة.
ابدأ بـ محاولات تدريجية:
اختيار مواقف محددة،
قول لا لما يضرّك،
أو تجربة أشياء جديدة تمنحك شعورًا بالسيطرة.
5. الاستعانة بالمتخصصين
أحيانًا تكون جذور عقلية المظلوم متجذرة.
في هذه الحالة، قد تنفع جلسات الإرشاد على فهم الجذور وإعادة بناء الثقة.
الملخص
ربما يشعر المصاب بالاسترخاء في مستهل الأمر لأنها تخلصك من الالتزام وتوفر أوقات من التعاطف. لكن في الواقع الفعلي، هو حبس نفسي يقيد استقلالك ويبعدك عن مسيرة الإنجاز والتفوق. يبدأ التحرر من الداخل، في الوقت بين التي تحدد فيها أن تقول: "لن أكون لا بعد الآن ضحية."
غالبًا ما تحرص على تذكر: الحياة ليست فقط ما يحدث لك شخصيًا، بل بالإضافة إلى الطريقة التي ترد عليها والقرارات التي تتخذها يوميًا.